قَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ﴾ الْآيَةُ ؛ فَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهِ مَا يَدْعُو الشَّيْطَانُ إلَيْهِ وَيُزَيِّنُهُ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ حَتَّى يَسْكَرَ مِنْهَا شَارِبُهَا فَيُقْدِمُ عَلَى الْقَبَائِحِ وَيُعَرْبِدُ عَلَى جُلَسَائِهِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ ؛ وَكَذَلِكَ الْقِمَارُ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، قَالَ قَتَادَةُ :( كَانَ الرَّجُلُ يُقَامِرُ فِي مَالِهِ وَأَهْلِهِ فَيُقْمَرُ وَيَبْقَى حَزِينًا سَلِيبًا فَيُكْسِبُهُ ذَلِكَ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ).
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ النَّبِيذِ إذْ كَانَ السُّكْرُ مِنْهُ يُوجِبُ مِنْ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ مِثْلُ مَا يُوجِبُهُ السُّكْرُ فِي الْخَمْرِ ؛ وَهَذَا الْمَعْنَى لَعَمْرِي مَوْجُودٌ فِيمَا يُوجِبُ السُّكْرَ مِنْهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِيمَا لَا يُوجِبُهُ، وَلَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِ مَا يُوجِبُ السُّكْرَ مِنْهُ، وَأَمَّا قَلِيلُ الْخَمْرِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةً فِيهِ فَهُوَ مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ عِلَّةٌ تَقْتَضِي تَحْرِيمَ قَلِيلِ النَّبِيذِ.