بَابُ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ ﴾ قِيلَ فِي مَوْضِعٍ ( مِنْ ) هَهُنَا إنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ، بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ صَيْدَ الْبَرِّ دُونَ صَيْدِ الْبَحْرِ وَصَيْدَ الْإِحْرَامِ دُونَ صَيْدِ الْإِحْلَالِ.
وَقِيلَ إنَّهَا لِلتَّمْيِيزِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الْأَوْثَانِ ﴾ وَقَوْلُك " بَابٌ مِنْ حَدِيدٍ " وَ " ثَوْبٌ مِنْ قُطْنٍ ".
وَجَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ مَا يَكُونُ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّيْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَيْدًا، كَالْبَيْضِ وَالْفَرْخِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْضَ مِنْ الصَّيْدِ، وَكَذَلِكَ الْفَرْخُ وَالرِّيشُ وَسَائِرُ أَجْزَائِهِ ؛ فَتَكُونُ الْآيَةُ شَامِلَةً لِجَمِيعِ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَيَكُونُ الْمُحَرَّمُ بَعْضُ الصَّيْدِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ صَيْدُ الْبَرِّ فِي حَالِ الْإِحْرَامِ، وَيُفِيدُ أَيْضًا تَحْرِيمَ مَا كَانَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّيْدِ وَنَمَا عَنْهُ كَالْبِيضِ وَالْفَرْخِ وَالْوَبَرِ وَغَيْرِهِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ ﴾ قَالَ :( فِرَاخُ الطَّيْرِ وَصِغَارُ الْوَحْشِ ).
وَقَالَ مُجَاهِدٌ :( الْفِرَاخُ وَالْبَيْضُ ).
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ ﴿ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ بِخَمْسِ بَيْضَاتٍ فَقَالَ : إنَّنَا مُحْرِمُونَ وَإِنَّا لَا نَأْكُلُ ؛ فَلَمْ يَقْبَلْهَا ﴾.
وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ : أَنَّ ﴿ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى فِي بَيْضِ نَعَامٍ أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ بِقِيمَتِهِ ﴾.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى فِي بَيْضِ النَّعَامَةِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ :( أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ ).
وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَرِمَاحُكُمْ ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :( كِبَارُ الصَّيْدِ ).
قَوْله تَعَالَى :﴿ لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ﴾، قِيلَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ كُلُّهَا


الصفحة التالية
Icon