رُوحِهِ لَا تَكُونُ قَتْلًا وَلَمْ يَكُنْ يُسَمَّى بِذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ :( لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُ شَاةٍ ) إنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ، وَلَوْ قَالَ :( لِلَّهِ عَلَيَّ قَتْلُ شَاةٍ ) لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ قَالَ :( لِلَّهِ عَلَيَّ ذَبْحُ وَلَدِي أَوْ نَحْرُهُ ) فَعَلَيْهِ شَاةٌ، وَلَوْ قَالَ :( لِلَّهِ عَلَيَّ قَتْلُ وَلَدِي ) لَمْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ اسْمَ الذَّبْحِ مُتَعَلِّقٌ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فِي الْإِبَاحَةِ وَالْقُرْبَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْقَتْلُ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي قَوْلِهِ :﴿ لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ﴾ قَالَ :( قَتْلُهُ حَرَامٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَكْلُهُ حَرَامٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ ) يَعْنِي أَكْلُ مَا قَتَلَهُ الْمُحْرِمُ مِنْهُ.
وَرَوَى أَشْعَثُ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ :( كُلُّ صَيْدٍ يَجِبُ فِيهِ الْجَزَاءُ فَذَلِكَ الصَّيْدُ مَيْتَةٌ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ ) ؛ وَرَوَى عَنْهُ يُونُسُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ.
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلِمَةَ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ فِي الصَّيْدِ يَذْبَحُهُ الْمُحْرِمُ قَالَ :( يَأْكُلُهُ الْحَلَالُ ).
وَعَنْ عَطَاءٍ :( إذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ لَا يَأْكُلُهُ الْحَلَالُ ).
وَقَالَ الْحَكَمُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ :( يَأْكُلُهُ الْحَلَالُ ).
وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا دَلَالَةَ الْآيَةِ عَلَى تَحْرِيمِ مَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ مِنْ الصَّيْدِ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُذَكًّى ؛ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَهُ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الدِّينِ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَأَشْبَهَ صَيْدَ الْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَمَا تُرِكَ فِيهِ التَّسْمِيَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْ شَرَائِطِ الذَّكَاةِ، وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ بِسِكِّينٍ مَغْصُوبٍ أَوْ ذَبْحِ شَاةٍ مَغْصُوبَةٍ ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ تَعَلَّقَ بِحَقِّ آدَمِيٍّ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَبَاحَهُ جَازَ فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّةَ الذَّكَاةِ ؟ إذْ كَانَتْ الذَّكَاةُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، فَشُرُوطُهَا مَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى.


الصفحة التالية
Icon