ذَلِكَ : قَالَ أَصْحَابُنَا :( لَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْمَاءِ إلَّا السَّمَكُ )، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيُّ رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى :( لَا بَأْسَ بِأَكْلِ كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الضُّفْدَعِ وَحَيَّةِ الْمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ )، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ ؛ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ الثَّوْرِيُّ، قَالَ الثَّوْرِيُّ :( وَيُذْبَحُ ).
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ( صَيْدُ الْبَحْرِ كُلُّهُ حَلَالٌ )، وَرَوَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ :( لَيْسَ بِمَيْتَةِ الْبَحْرِ بَأْسٌ وَكَلْبُ الْمَاءِ وَاَلَّذِي يُقَالُ لَهُ فَرَسُ الْمَاءِ، وَلَا يُؤْكَلُ إنْسَانُ الْمَاءِ وَلَا خِنْزِيرُ الْمَاءِ ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :" مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ حِلٌّ كُلُّهُ وَأَخْذُهُ ذَكَاتُهُ، وَلَا بَأْسَ بِخِنْزِيرِ الْمَاءِ ".
وَاحْتَجَّ مَنْ أَبَاحَ حَيَوَانَ الْمَاءِ كُلَّهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ ﴾ وَهُوَ عَلَى جَمِيعِهِ ؛ إذْ لَمْ يُخَصِّصْ شَيْئًا مِنْهُ.
وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرُوا ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ ﴾ إنَّمَا هُوَ عَلَى إبَاحَةِ اصْطِيَادِ مَا فِيهِ لِلْمُحْرِمِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَكْلِهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ :﴿ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ﴾ فَخَرَجَ الْكَلَامُ مَخْرَجَ بَيَانِ اخْتِلَافِ حُكْمِ صَيْدِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ عَلَى الْمُحْرِمِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الصَّيْدَ اسْمُ مَصْدَرٍ، وَهُوَ اسْمٌ لِلِاصْطِيَادِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَقَعُ عَلَى الْمَصِيدِ، أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُولُ :( صِدْت صَيْدًا ) ؟ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مَصْدَرًا كَانَ اسْمًا لِلِاصْطِيَادِ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الصَّائِدِ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ إذَا أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ عَلَى إبَاحَةِ الْأَكْلِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمَصِيدِ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ مَجَازٌ ؛ لِأَنَّهُ تَسْمِيَةٌ لِلْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْفِعْلِ، وَتَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِاسْمِ غَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ اسْتِعَارَةٌ.
وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ