قَوْله تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾.
رَوَى قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :{ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضْبَانَ قَدْ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ : لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إلَّا أَجَبْتُكُمْ فَقَامَ إلَيْهِ رِجْلٌ فَقَالَ : أَيْنَ أَنَا ؟ فَقَالَ : فِي النَّارِ فَقَامَ إلَيْهِ آخَرُ فَقَالَ : مَنْ أَبِي ؟ فَقَالَ : أَبُوك حُذَافَةُ فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ : رَضِينَا بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِالْقُرْآنِ إمَامًا وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا حَدِيثِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَشِرْكٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ مَنْ آبَاؤُنَا ؛ فَسَكَنَ غَضَبُهُ وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ }.
رَوَى إبْرَاهِيمُ الْهِجْرِيُّ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهَا نَزَلَتْ حِينَ سُئِلَ عَنْ الْحَجِّ أَفِي كُلِّ عَامٍ ؟ وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ نَحْوَ ذَلِكَ.
وَرَوَى عِكْرِمَةُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الرَّجُلِ الَّذِي قَالَ مَنْ أَبِي.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : فِي الَّذِينَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ.
وَقَالَ مِقْسَمٌ : فِيمَا سَأَلَتْ الْأُمَمُ أَنْبِيَاءَهُمْ مِنْ الْآيَاتِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَيْسَ يَمْتَنِعُ تَصْحِيحُ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ، فَيَكُونُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ : لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إلَّا أَجَبْتُكُمْ سَأَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ عَنْ أَبِيهِ مَنْ هُوَ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يُتَكَلَّمُ فِي نَسَبِهِ، وَسَأَلَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الَّذِينَ ذُكِرَ عَنْهُمْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ عَلَى اخْتِلَافِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ ﴾ يَعْنِي عَنْ مِثْلِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِمْ حَاجَةٌ إلَيْهَا ؛ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَدْ كَانَ