الْخَطَّابِ فَقَالَ : إنِّي أَعْمَلُ بِأَعْمَالِ الْخَيْرِ كُلِّهَا إلَّا خَصْلَتَيْنِ، قَالَ : وَمَا هُمَا ؟ قَالَ : لَا آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا أَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ، قَالَ : لَقَدْ طَمَسْت سَهْمَيْنِ مِنْ سِهَامِ الْإِسْلَامِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ غَفَرَ لَك وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَك.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنْ الضَّحَّاكِ قَالَ : الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ فَرِيضَتَانِ مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى كَتَبَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : أَخْبَرُونِي عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ : حَدَّثَتْ ابْنُ شُبْرُمَةَ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ :( مَنْ فَرَّ مِنْ اثْنَيْنِ فَقَدْ مَرَّ، وَمَنْ فَرَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ لَمْ يَفِرَّ ) فَقَالَ : أَمَّا أَنَا فَأَرَى الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا، لَا يَعْجِزُ الرَّجُلُ عَنْ اثْنَيْنِ أَنْ يَأْمُرَهُمَا أَوْ يَنْهَاهُمَا.
وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ إلَى قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاَللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَصْلًا فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ.
وَقَالَ مَكْحُولٌ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ ﴾ : إذَا هَابَ الْوَاعِظُ وَأَنْكَرَ الْمَوْعُوظُ فَعَلَيْك حِينَئِذٍ نَفْسَك لَا يَضُرُّك مَنْ ضَلَّ إذَا اهْتَدَيْتَ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.