الصِّدِّيقَ قَطَعَ الْيَدَ بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فِي قِصَّةِ الْأَسْوَدِ الَّذِي نَزَلَ بِأَبِي بَكْرٍ ثُمَّ سَرَقَ حُلِيَّ أَسْمَاءَ وَهُوَ مُرْسَلٌ وَأَصْلُهُ حَدِيثُ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا خَدَمَ أَبَا بَكْرٍ فَبَعَثَهُ مَعَ مُصَدِّقٍ وَأَوْصَاهُ بِهِ فَلَبِثَ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ ثُمَّ جَاءَهُ وَقَدْ قَطَعَهُ الْمُصَدِّقُ فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ لَهُ مَا لَك قَالَ وَجَدَنِي خُنْت فَرِيضَةً فَقَطَعَ يَدَيَّ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إنِّي لَأَرَاهُ يَخُونُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ فَرِيضَةً وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ كُنْت صَادِقًا لِأَقِيدَنك مِنْهُ ثُمَّ سَرَقَ حُلِيَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ فَقَطَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَطَعَهُ بَعْدَ قَطْعِ الْمُصَدِّقِ يَدَهُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا قَطْعَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لَا يُعَارَضُ بِحَدِيثِ الْقَاسِمِ لَوْ تَعَارَضَا لَسَقَطَا جَمِيعًا وَلَمْ يَثْبُتْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ شَيْءٌ وَيَبْقَى لَنَا الْأَخْبَارُ الْأُخَرُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الرِّجْلِ الْيُسْرَى.
فَإِنْ قِيلَ رَوَى خَالِدُ الْحَذَّاءُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَطَعَ يَدًا بَعْدَ يَدٍ وَرِجْلٍ قِيلَ لَهُ لَمْ يَقُلْ فِي السَّرِقَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي قِصَاصٍ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِثْلُ ذَلِكَ وَتَأْوِيلُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَحَصَلَ مِنْ اتِّفَاقِ السَّلَفِ وُجُوبُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَمَا رُوِيَ عَنْهُمْ مِنْ مُخَالَفَةِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْحِكَايَةُ فِي قَطْعِ الْيَدِ بَعْدَ الرِّجْلِ أَوْ قَطْعُ الْأَرْبَعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ السَّرِقَةِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ أَوْ يَكُونُ مَرْجُوعًا عَنْهُ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ ضَرَبَ عُنُقَ رَجُلٍ بَعْدَمَا قَطَعَ أَرْبَعَتَهُ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى قَوْلِ الْمُخَالِفِ لِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ قَطْعُهُ فِي