قَوْله تَعَالَى :﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ :﴿ مَعْرُوشَاتٍ ﴾ مَا عَرَشَ النَّاسُ مِنْ الْكُرُومِ وَنَحْوِهَا، وَهُوَ رَفْعُ بَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى بَعْضٍ.
وَقِيلَ إنَّ تَعْرِيشَهُ أَنْ يُحْظَرَ عَلَيْهِ بِحَائِطٍ، وَأَصْلُهُ الرَّفْعُ، وَمِنْهُ :﴿ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا ﴾ أَيْ عَلَى أَعَالِيهَا وَمَا ارْتَفَعَ مِنْهَا، وَالْعَرْشُ السَّرِيرُ لِارْتِفَاعِهِ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الزَّرْعَ وَالنَّخْلَ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ ثُمَّ قَالَ :﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى جَمِيعِ الْمَذْكُورِ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ إيجَابَ الْحَقِّ فِي سَائِرِ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَطَاوُسٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ : أَنَّهُ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ أُخْرَى وَمُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالسُّدِّيِّ وَإِبْرَاهِيمَ : نَسَخَهَا الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ.
وَعَنْ الْحَسَنِ قَالَ : نَسَخَتْهَا الزَّكَاةُ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ : نَسَخَتْ الزَّكَاةُ كُلَّ صَدَقَةٍ فِي الْقُرْآنِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمُجَاهِدٍ : أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ وَأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ عِنْدَ الصِّرَامِ غَيْرُ الزَّكَاةِ.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَنَّهُ نَهَى عَنْ جِدَادِ اللَّيْلِ وَعَنْ صِرَامِ اللَّيْلِ، ﴾ قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ : هَذَا لِأَجْلِ الْمَسَاكِينِ كَيْ يَحْضُرُوا قَالَ مُجَاهِدٌ : إذَا حَصَدْت طَرَحْت لِلْمَسَاكِينِ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ إذَا نَقَّيْت وَإِذَا كَدَّسْت، وَيُتْرَكُونَ يَتَّبِعُونَ آثَارَ الْحَصَّادِينَ، وَإِذَا أَخَذْت فِي كَيْلِهِ حَثَوْت لَهُمْ مِنْهُ، وَإِذَا عَلِمْت كَيْلَهُ عَزَلْت زَكَاتَهُ، وَإِذَا


الصفحة التالية
Icon