وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ إذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعَوْا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَالرُّبْعَ ﴾، وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَا رَوَى سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ ﴿ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا حَثْمَةَ خَارِصًا، فَجَاءَهُ رِجْلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا حَثْمَةَ قَدْ زَادَ عَلَيَّ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ ابْنَ عَمِّك يَزْعُمُ أَنَّك قَدْ زِدْت عَلَيْهِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْت لَهُ قَدْرَ عَرِيَّةِ أَهْلِهِ وَمَا يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ وَمَا يُصِيبُ الرِّيحُ، فَقَالَ : قَدْ زَادَك ابْنُ عَمِّك وَأَنْصَفَك ﴾، وَالْعَرَايَا هِيَ الصَّدَقَةُ ؛ فَإِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ الثُّلُثِ صَدَقَةً وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ مَكْحُولٍ الشَّامِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ خَفِّفُوا فِي الْخَرْصِ فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَرِيَّةَ وَالْوَصِيَّةَ ﴾ فَجَمَعَ بَيْنَ الْعَرِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الصَّدَقَةَ.
وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ لَيْسَ فِي الْعَرَايَا صَدَقَةٌ ﴾، فَلَمْ يُوجِبْ فِيهَا صَدَقَةً لِأَنَّ الْعَرِيَّةَ نَفْسَهَا صَدَقَةٌ، وَإِنَّمَا فَائِدَةُ الْخَبَرِ أَنَّ مَا تَصَدَّقَ بِهِ صَاحِبُ الْعُشْرِ يُحْتَسَبُ لَهُ وَلَا تَجِبُ فِيهَا صَدَقَةٌ وَلَا يَضْمَنُهَا.