الطَّيْرِ }، وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْمِقْدَادُ بْنُ مَعْدِي كَرِبَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمَا.
فَهَذِهِ آثَارٌ مُسْتَفِيضَةٌ فِي تَحْرِيمِ ذِي النَّابِ مِنْ السِّبَاعِ وَذِي الْمِخْلَبِ مِنْ الطَّيْرِ، وَالثَّعْلَبِ وَالْهِرِّ وَالنِّسْرِ وَالرَّخْمُ دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ، فَلَا مَعْنَى لِاسْتِثْنَاءِ شَيْءِ مِنْهَا إلَّا بِدَلِيلٍ يُوجِبُ تَخْصِيصَهُ، وَلَيْسَ فِي قَبُولِهَا مَا يُوجِبُ نَسْخَ قَوْله تَعَالَى :﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ﴾ لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ إخْبَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْمُحَرَّمُ غَيْرَ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ مَا عَدَاهُ كَانَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، وَكَذَلِكَ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ هَذَا حُكْمُهَا، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ خَاصَّةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَحْرِيمِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ غَيْرِ مَذْكُورَةٍ فِي الْآيَةِ فَجَازَ قَبُولُ الْأَخْبَارِ الْآحَادِ فِي تَخْصِيصِهَا وَكَرِهَ أَصْحَابُنَا الْغُرَابَ الْأَبْقَعَ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْجِيَفَ، وَلَمْ يَكْرَهُوا الْغُرَابَ الزَّرْعِيَّ لِمَا رَوَى قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ﴿ خَمْسُ فَوَاسِقَ يَقْتُلهُنَّ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ﴾ وَذَكَرَ أَحَدُهَا الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، فَخَصَّ الْأَبْقَعَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْجِيَفَ، فَصَارَ أَصْلًا فِي كَرَاهَةِ أَشْبَاهِهِ مِمَّا يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ خَمْسٌ يَقْتُلهُنَّ الْمُحْرِمُ ﴾ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ هَذِهِ الْخَمْسِ وَأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مَقْتُولَةً غَيْرَ مُذْكَاةٍ، وَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُؤْكَلُ لَأَمَرَ بِذَبْحِهَا وَذَكَاتِهَا لِئَلَّا تَحْرُمَ بِالْقَتْلِ.
فَإِنْ قِيلَ بِمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ : حَدَّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ {


الصفحة التالية
Icon