وَاخْتُلِفَ فِي أَكْلِ الضَّبِّ، فَكَرِهَهُ أَصْحَابُنَا، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ :﴿ لَا بَأْسَ بِهِ ﴾.
وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا مَا رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ زَيْدِ بْن وَهْبِ الْجُهَنِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ قَالَ :﴿ نَزَلْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الضِّبَابِ، فَأَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ فَطَبَخْنَا مِنْهَا، فَإِنَّ الْقُدُورَ لَتَغْلِي بِهَا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقُلْنَا ضِبَابٌ أَصَبْنَاهَا، فَقَالَ : إنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ مُسِخَتْ دَوَابَّ الْأَرْضِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ فَأَكْفِئُوهَا ﴾ وَهَذَا يَقْتَضِي حَظْرَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُبَاحَ الْأَكْلِ لَمَا أَمَرَ بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ، لِأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ الطَّائِيُّ أَنَّ الْحَكَمَ بْنَ نَافِعٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ زُرْعَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ :﴿ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ لَحْمِ الضَّبّ ﴾ وَرَوَى أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادِ عَنْ إبْرَاهِيمَ ﴿ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ أُهْدِيَ لَهَا ضَبٌّ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَتْهُ عَنْ أَكْلِهِ فَنَهَاهَا عَنْهُ، فَجَاءَ سَائِلٌ فَقَامَتْ لِتُنَاوِلَهُ إيَّاهُ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتُطْعِمِينَهُ مَا لَا تَأْكُلِينَ.
﴾ فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تُوجِبُ النَّهْيَ عَنْ أَكْلِ الضَّبِّ وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ ﴿ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ الضَّبِّ وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴾ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا تَرَكَ أَكْلَهُ تَقَذُّرًا.
وَفِي بَعْضِ