وَاخْتُلِفَ فِي هَوَامِّ الْأَرْضِ، فَكَرِهَ أَصْحَابُنَا أَكْلَ هَوَامِّ الْأَرْضِ الْيَرْبُوعِ وَالْقُنْفُذِ وَالْفَأْرِ وَالْعَقَارِبِ وَجَمِيعِ هَوَامِّ الْأَرْضِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى : لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْحَيَّةِ إذَا ذُكِّيَتْ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ مِنْهُ الذَّكَاةَ وَقَالَ اللَّيْثُ : لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْقُنْفُذِ وَفِرَاخِ النَّحْلِ وَدُودِ الْجُبْنِ وَالتَّمْرِ وَنَحْوِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ :﴿ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الضِّفْدَعِ ﴾، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَقِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَكْلِ خُشَاشِ الْأَرْضِ وَعَقَارِبِهَا وَدُودِهَا ؛ لِأَنَّهُ قَالَ : مَوْتُهُ فِي الْمَاءِ لَا يُفْسِدُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :﴿ كُلُّ مَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَسْتَقْذِرُهُ فَهُوَ مِنْ الْخَبَائِثِ، كَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَالْغُرَابِ وَالْحَيَّةِ وَالْحِدَأَةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ لِأَنَّهَا تَقْصِدُ بِالْأَذَى فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ مِنْ الْخَبَائِثِ، وَكَانَتْ تَأْكُلُ الضَّبُعَ وَالثَّعْلَبَ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْدُوَانِ عَلَى النَّاسِ بِأَنْيَابِهِمَا فَهُمَا حَلَالُ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ ﴾ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو ثَوْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عِيسَى بْنِ نُمَيْلَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْت عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ عَنْ أَكْلِ الْقُنْفُذِ، فَتَلَا :﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمِ يَطْعَمُهُ ﴾ الْآيَةُ، فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَهُ : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ :﴿ خَبِيثَةٌ مِنْ الْخَبَائِثِ ﴾ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : إنْ كَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا فَهُوَ كَمَا قَالَ فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبِيثَةً مِنْ الْخَبَائِثِ فَشَمِلَهُ حُكْمُ التَّحْرِيمِ