قَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ﴾.
قَالَ مُجَاهِدٌ هُمْ الْيَهُودُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُمَالِئُونَ عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ قَتَادَةُ : الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى لِأَنَّ بَعْضَ النَّصَارَى يُكَفِّرُ بَعْضًا وَكَذَلِكَ الْيَهُودُ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ :﴿ أَهْلُ الضَّلَالِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَهُوَ تَحْذِيرٌ مِنْ تَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ وَدُعَاءٌ إلَى الِاجْتِمَاعِ وَالْأُلْفَةِ عَلَى الدِّينِ وَقَالَ الْحَسَنُ هُمْ جَمِيعُ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ﴾.
وَأَمَّا دِينُهُمْ فَقَدْ قِيلَ : الَّذِي أَمَرَهُمْ اللَّهُ بِهِ وَجَعَلَهُ دِينًا لَهُمْ، وَقِيلَ : الدِّينُ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ لِإِكْفَارِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لِجَهَالَةٍ فِيهِ.
وَالشِّيَعُ الْفِرَقُ الَّذِينَ يُمَالِئُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي غَيْرِهِ.
وَقِيلَ : أَصْلُهُ الظُّهُورُ، مِنْ قَوْلِهِمْ : شَاعَ الْخَبَرُ، إذَا ظَهَرَ، وَقِيلَ : أَصْلُهُ الِاتِّبَاعُ، مِنْ قَوْلِك : شَايَعَهُ عَلَى الْمُرَادِ، إذَا اتَّبَعَهُ.
وَقَوْلُهُ :﴿ لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ﴾.
الْمُبَاعَدَةُ التَّامَّةُ مِنْ أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَهُمْ فِي مَعْنًى مِنْ مَذَاهِبِهِمْ الْفَاسِدَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ لِأَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ فِي مَعْنًى مِنْ الْبَاطِلِ وَإِنَّ افْتَرَقُوا فِي غَيْرِهِ فَلَيْسَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ لِأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ جَمِيعِهِ