قَوْله تَعَالَى :﴿ قُلْ إنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ﴾ قَوْلُهُ :﴿ دِينًا قِيَمًا ﴾ يَعْنِي مُسْتَقِيمًا ؛ وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ مِلَّةُ إبْرَاهِيمَ، وَالْحَنِيفُ الْمُخْلِصُ لِعِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ.
وَقِيلَ : أَصْلُهُ الْمَيْلُ، مِنْ قَوْلِهِمْ رِجْلٌ أَحْنَفُ إذَا كَانَ مَائِلَ الْقَدَمِ بِإِقْبَالِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأُخْرَى خِلْقَةً لَا مِنْ عَارِضٍ، فَسُمِّيَ الْمَائِلُ إلَى الْإِسْلَامِ حَنِيفًا لِأَنَّهُ لَا رُجُوعَ مَعَهُ.
وَقِيلَ : أَصْلُهُ الِاسْتِقَامَةُ، وَإِنَّمَا جَاءَ أَحْنَفُ لِلْمَائِلِ الْقَدَمِ عَلَى التَّفَاؤُلِ كَمَا قِيلَ لِلَّدِيغِ سَلِيمٌ ؛ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا لَمْ يُنْسَخْ مِنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَدْ صَارَتْ شَرِيعَةً لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِخْبَارِهِ بِأَنَّ دِينَهُ مِلَّةُ إبْرَاهِيمَ.