وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ إخْبَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُؤَاخِذُ أَحَدًا بِذَنْبِ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا يُعَذِّبُ الْأَبْنَاءَ بِذَنْبِ الْآبَاءِ.
وَقَدْ احْتَجَّتْ عَائِشَةُ فِي رَدِّ قَوْلِ مَنْ تَأَوَّلَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ فَقَالَتْ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ وَإِنَّمَا مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَهُودِيٍّ يُبْكَى عَلَيْهِ فَقَالَ : إنَّهُ لَيُعَذَّبُ وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ } وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَقِيلَ : إنَّ أَصْلَهُ الْوِزْرُ وَالْمَلْجَأُ، مِنْ قَوْلِهِ :﴿ كَلًّا لَا وَزَرَ ﴾ وَلَكِنَّهُ جَرَى فِي الْأَغْلَبِ عَلَى الْإِثْمِ وَشُبِّهَ بِمَنْ الْتَجَأَ إلَى غَيْرِ مَلْجَأٍ، وَيُقَالُ ﴿ وَزَرَ يَزِرُ وَوَزِرَ يَوْزَرُ وَوُزِرَ يُوزَرُ فَهُوَ مَوْزُورٌ ﴾، وَكُلُّهُ بِمَعْنَى الْإِثْمِ ؛ وَالْوَزِيرُ بِمَعْنَى الْمَلْجَأِ ؛ لِأَنَّ الْمَلِكَ يَلْجَأُ إلَيْهِ فِي الْأُمُورِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.