فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَسْرَعَ النَّاسُ فِي الْغَنَائِمِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ لَوْلَا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ } قَدْ ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ قَبْلَ الْقِتَالِ :﴿ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا، ﴾ وَيُقَالُ إنَّ هَذَا غَلَطٌ، وَإِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ :﴿ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ ﴾ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ﴿ : لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّءُوسِ غَيْرِكُمْ ﴾ وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَالِ ﴾ نَزَلَتْ بَعْدَ حِيَازَةِ غَنَائِمِ بَدْرٍ، فَعَلِمْنَا أَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَلَهُمْ مَا أَصَابُوا قَبْلَ الْقِتَالِ غَلَطٌ ؛ إذْ كَانَتْ إبَاحَتُهَا إنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ الْقِتَالِ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى غَلَطِهِ أَنَّهُ قَالَ :﴿ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ وَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ كَذَا ثُمَّ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ ﴾ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفُ الْوَعْدِ وَلَا اسْتِرْجَاعُ مَا جَعَلَهُ لِإِنْسَانٍ وَأَخْذُهُ مِنْهُ وَإِعْطَاؤُهُ غَيْرَهُ ؛ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلٌ فِي الْغَنَائِمِ قَبْلَ الْقِتَالِ، فَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ الْقِتَالِ تَنَازَعُوا فِي الْغَنَائِمِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَنْفَالِ ﴾ فَجَعَلَ أَمْرَهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يَجْعَلَهَا لِمَنْ شَاءَ، فَيَقْسِمَهَا بَيْنَهُمْ بِالسَّوَاءِ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ، فَجَعَلَ