وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ﴾ فَوُجِدَ مُخْبِرُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ، فَكَانَ مِنْ طُمَأْنِينَةِ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَخْبَرَ بِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى :﴿ إذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ﴾ فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ النُّعَاسَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَطِيرُ فِيهِ النُّعَاسُ بِإِظْلَالِ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ بِالْعِدَّةِ وَالسِّلَاحِ وَهُمْ أَضْعَافُهُمْ.
ثُمَّ قَالَ :﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ﴾ يَعْنِي مِنْ الْجَنَابَةِ ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ كَانَ احْتَلَمَ وَهُوَ رِجْزُ الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ مِنْ وَسْوَسَتِهِ فِي الْمَنَامِ ﴿ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ ﴾ بِمَا صَارَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْأَمَنَةِ وَالثِّقَةِ بِمَوْعُودِ اللَّهِ ﴿ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ﴾ يَحْتَمِلُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : صِحَّةُ الْبَصِيرَةِ وَالْأَمْنِ وَالثِّقَةِ الْمُوجِبَةِ لِثَبَاتِ الْأَقْدَامِ، وَالثَّانِي : أَنَّ مَوْضِعَهُمْ كَانَ رَمْلًا دَهْسًا لَا تَثْبُت فِيهِ الْأَقْدَامُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْمَطَرِ مَا لَبَّدَ الرَّمْلَ وَثَبَّتَ عَلَيْهِ الْأَقْدَامَ ؛ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ إذْ يُوحِي رَبُّك إلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ ﴾ أَيْ أَنْصُرُكُمْ ﴿ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : إلْقَاؤُهُمْ إلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْخَاطِرِ وَالتَّنْبِيهِ أَنَّ اللَّهَ سَيَنْصُرُهُمْ عَلَى الْكَافِرِينَ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِثَبَاتِهِمْ وَتَحَزُّبِهِمْ عَلَى الْكُفَّارِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّثْبِيتُ إخْبَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ سَيَنْصُرُهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَيُخْبِرُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ الْمُؤْمِنِينَ فَيَدْعُوهُمْ ذَلِكَ إلَى الثَّبَاتِ ثُمَّ قَالَ :﴿ وَمَا رَمَيْت إذْ رَمَيْت وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ كَفًّا