قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ يَعْنِي مَا كَانَ لِيُعَذِّبَهُمْ عَذَابَ الِاسْتِيصَالِ وَأَنْتَ فِيهِمْ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَلَا يُعَذَّبُونَ وَهُوَ فِيهِمْ حَتَّى يَسْتَحِقُّوا سَلْبَ النِّعْمَةِ فَيَعُمَّهُمْ بِالْعَذَابِ بَعْدَ خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِهِمْ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأُمَمَ السَّالِفَةَ لَمَّا اسْتَحَقُّوا الِاسْتِيصَالَ أَمَرَ اللَّهُ أَنْبِيَاءَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ بَيْنِهِمْ نَحْوَ لُوطٍ وَصَالِحٍ وَشُعَيْبٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ؟ وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :﴿ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ بَقِيَتْ فِيهَا بَقِيَّةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ :﴿ أَنْ لَوْ اسْتَغْفَرُوا لَمْ يُعَذِّبْهُمْ ﴾.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ وَهَذَا الْعَذَابُ غَيْرُ الْعَذَابِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الْأُولَى ؛ لِأَنَّ هَذَا عَذَابُ الْآخِرَةِ وَالْأَوَّلَ عَذَابُ الِاسْتِيصَالِ فِي الدُّنْيَا.