قَوْله تَعَالَى :﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ :﴿ حَتَّى لَا يَكُونَ شِرْكٌ ﴾.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ :﴿ حَتَّى لَا يُفْتَتَنَ مُؤْمِنٌ عَنْ دِينِهِ ﴾.
وَالْفِتْنَةُ هَهُنَا جَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْكُفْرَ وَجَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ بِهَا الْبَغْيَ وَالْفَسَادَ ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ إنَّمَا سُمِّيَ فِتْنَةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَسَادِ، فَتَنْتَظِمُ الْآيَةُ قِتَالَ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ وَأَهْلِ الْعَبَثِ وَالْفَسَادِ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ قِتَالِ سَائِرِ أَصْنَافِ أَهْلِ الْكُفْرِ إلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسُ، فَإِنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِالْجِزْيَةِ.
وَيَحْتَجُّ بِهِ مَنْ يَقُولُ لَا يُقَرُّ سَائِرُ الْكُفَّارِ عَلَى دِينِهِمْ بِالذِّمَّةِ إلَّا هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافُ الثَّلَاثَةُ، لِقِيَامِ الدَّلَالَةِ عَلَى جَوَازِ إقْرَارِهَا بِالْجِزْيَةِ.