كَلَامٌ خَرَجَ عَلَى الْحَالِ الَّتِي حَضَّ فِيهَا لِلْقِتَالِ، وَكَانَ يَقُولُ ذَلِكَ تَحْرِيضًا لَهُمْ وَتَضْرِيَةً عَلَى الْعَدُوِّ، كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ ﴿ : مَنْ أَصَابَ شَيْئَا فَهُوَ لَهُ ﴾، وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَزُورِيِّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الدَّهَّانِيُّ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ : حَدَّثَنَا غَالِبُ بْنُ حُجْرَةَ قَالَ : حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ وَهِيَ ابْنَةُ الْمِلْقَامِ بْنِ التَّلِبِّ عَنْ أَبِيهَا عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ﴿ : مَنْ أَتَى بِمُوَلٍّ فَلَهُ سَلَبُهُ ؛ ﴾ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ مَقْصُورٌ عَلَى الْحَالِ فِي تِلْكَ الْحَرْبِ خَاصَّةً ؛ إذْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ بِأَخْذِهِ مُوَلِّيًا، وَهُوَ كَقَوْلِهِ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ﴿ : مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَلْقَى سِلَاحَهُ فَهُوَ آمِنٌ ﴾.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْقَاتِلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ الْأَمِيرُ مَنْ قَتَلَ قَتِيلَا فَلَهُ سَلَبُهُ، مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ : حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ : خَرَجْت مَعَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ وَرَافَقَنِي مَدَدِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ سَيْفِهِ، فَنَحَرَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَزُورًا، فَسَأَلَهُ الْمَدَدِيُّ طَائِفَةً مِنْ جِلْدِهِ، فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ، فَاِتَّخَذَهُ كَهَيْئَةِ الدَّرَقِ، وَمَضَيْنَا فَلَقِينَا جُمُوعَ الرُّومِ وَفِيهِمْ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ لَهُ أَشْقَرَ عَلَيْهِ سَرْجٌ مُذَهَّبٌ وَسِلَاحٌ مُذَهَّبٌ، فَجَعَلَ الرُّومِيُّ يُغْرِي بِالْمُسْلِمِينَ وَقَعَدَ لَهُ الْمَدَدِيُّ خَلْفَ صَخْرَةٍ، فَمَرَّ بِهِ الرُّومِيُّ فَعَرْقَبَ فَرَسَهُ وَخَرَّ وَعَلَاهُ