، وَفِي اتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ وَطْءَ الْجَيْشِ لِمَوْضِعٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَجْعَلُهُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ فِيهِ إلَّا بِالْحِيَازَةِ.
وَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يَقْسِمْ لِلْمَدَدِ بِمَا رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ ﴿ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ عَلَى سَرِيَّةٍ قِبَلَ نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا فُتِحَتْ وَإِنَّ حُزُمَ خَيْلِهِمْ اللِّيفُ، قَالَ أَبَانُ : اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَقُلْت : لَا تَقْسِمْ لَهُمْ شَيْئًا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ : قَالَ أَبَانُ : أَنْتَ بِهَذَا يَا وَتَرَ نَجْدٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اجْلِسْ يَا أَبَانُ فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ ﴾.
وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّ خَيْبَرَ صَارَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ بِظُهُورِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ.
وَقَدْ قِيلَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ مَا رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمَّارِ بْن أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :﴿ مَا شَهِدْت لِرَسُولِ اللَّهِ مَغْنَمًا إلَّا قَسَمَ لِي إلَّا خَيْبَرَ فَإِنَّهَا كَانَتْ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ خَاصَّةً ﴾.
فَأَخْبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ خَيْبَرَ كَانَتْ لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ خَاصَّةً شَهِدُوهَا أَوْ لَمْ يَشْهَدُوهَا دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَانَ وَعَدَهُمْ إيَّاهَا بِقَوْلِهِ :﴿ وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا ﴾ بَعْدَ قَوْلِهِ :﴿ وَعَدَكُمْ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ ﴾ وَقَدْ رَوَى أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ ﴿ : قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِثَلَاثٍ، فَقَسَمَ لَنَا وَلَمْ يَقْسِمْ لِأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدْ الْفَتْحَ غَيْرِنَا ﴾.
فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ لِأَبِي مُوسَى