مَنْ رَأَى، وَلَوْ لَمْ يُعْطِهِمْ شَيْئَا لَكَانَ جَائِزًا فَلَمْ تَكُنْ قِسْمَةُ الْغَنِيمَةِ مُسْتَحِقَّةً يَوْمَئِذٍ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ﴾ وَنَسَخَ بِهَذَا الْأَنْفَالَ الَّتِي جَعَلَهَا لِلرَّسُولِ فِي جُمْلَةِ الْغَنِيمَةِ وَقَدْ رَوَى مُجَمِّعُ بْنُ جَارِيَةٍ : أَنَّ ﴿ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ غَنَائِمَ خَيْبَرَ فَجَعَلَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا ﴾، وَرَوَى ابْنُ الْفُضَيْلِ عَنْ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ ﴿ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا.
وَهَذَا خِلَافُ رِوَايَةِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةٍ، وَقَدْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ قَسَمَ لِبَعْضِ الْفُرْسَانِ سَهْمَيْنِ وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ وَقَسَمَ لِبَعْضِهِمْ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَكَانَ السَّهْمُ الزَّائِدُ عَلَى وَجْهِ النَّفَلِ، كَمَا رَوَى سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ : أَنَّ ﴿ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ فِي غَزْوَةِ ذِي قَرَدٍ سَهْمَيْنِ سَهْمَ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ وَكَانَ رَاجِلًا يَوْمَئِذٍ، ﴾ وَكَمَا رُوِيَ أَنَّهُ أَعْطَى الزُّبَيْرَ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ.
وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ يَضْرِبُ لَهُ فِي الْمَغْنَمِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ النَّفَلِ تَحْرِيضًا لَهُمْ عَلَى إيجَافِ الْخَيْلِ، كَمَا كَانَ يُنَفِّلُ سَلَبَ الْقَتِيلِ وَيَقُولُ :﴿ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ ﴾ تَحْرِيضًا عَلَى الْقِتَالِ.
فَإِنْ قِيلَ : لَمَّا اخْتَلَفَتْ الْأَخْبَارُ كَانَ خَبَرُ الزَّائِدِ أَوْلَى : قِيلَ لَهُ : هَذَا إذَا ثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ كَانَتْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَأَمَّا إذَا احْتَمَلَ أَنْ تَكُونَ عَلَى وَجْهِ النَّفَلِ فَلَمْ تَثْبُتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مُسْتَحِقَّةً.
وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي


الصفحة التالية
Icon