الْبِرْذَوْنَ أَقْوَى مِنْهُ عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الرَّجُلَ الْعَرَبِيَّ وَالْعَجَمِيَّ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي حُكْمِ السِّهَامِ كَذَلِكَ الْخَيْلُ الْعَرَبِيُّ وَالْعَجَمِيُّ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ : سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنْ صَدَقَةِ الْبَرَاذِينِ فَقَالَ سَعِيدٌ : وَهَلْ فِي الْخَيْلِ مِنْ صَدَقَةٍ ؟ وَعَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ : الْبَرَاذِينُ بِمَنْزِلَةِ الْخَيْلِ.
وَقَالَ مَكْحُولٌ : أَوَّلُ مَنْ قَسَمَ لِلْبَرَاذِينِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ يَوْمَ دِمَشْقَ، قَسَمَ لِلْبَرَاذِينِ نِصْفَ سُهْمَانِ الْخَيْلِ لِمَا رَأَى مِنْ جَرْيِهَا وَقُوَّتِهَا، فَكَانَ يُعْطِي الْبَرَاذِينَ سَهْمًا سَهْمًا، وَهَذَا حَدِيثٌ مَقْطُوعٌ وَقَدْ أَخْبَرَ فِيهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ مِنْ طَرِيقِ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ لِمَا رَأَى مِنْ قُوَّتِهَا، فَإِذًا لَيْسَ بِتَوْقِيفٍ وَقَدْ رَوَى إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَغَارَتْ الْخَيْلُ بِالشَّامِ وَعَلَى النَّاسِ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ يُقَالُ لَهُ الْمُنْذِرُ بْنُ أَبِي حِمَّصَةَ الْوَادِعِيُّ، فَأَدْرَكَتْ الْخَيْلُ الْعِرَابُ مِنْ يَوْمِهَا وَأَدْرَكَتْ الْكَوَادِنُ مِنْ الْغَدِ، فَقَالَ : لَا أَجْعَلُ مَا أَدْرَكَ كَمَا لَمْ يُدْرِكْ، فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ فِيهِ، فَكَتَبَ عُمَرُ : هَبِلَتْ الْوَادِعِيَّ أُمُّهُ لَقَدْ اذَّكَّرَتْ بِهِ، أَمْضُوهَا عَلَى مَا قَالَ فَاحْتَجَّ مَنْ لَمْ يُسْهِمْ لِلْبَرَاذِينِ بِذَلِكَ.
وَلَا دَلَالَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ رَأْيَ عُمَرَ، وَإِنَّمَا أَجَازَهُ لِأَنَّهُ مِمَّا يُسَوَّغُ فِيهِ الِاجْتِهَادُ، وَقَدْ حَكَمَ بِهِ أَمِيرُ الْجَيْشِ فَأَنْفَذَهُ.