الْفُقَرَاءُ مِنْهُمْ.
وَلَمَّا أَجْمَعَ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ عَلَيْهِ ثَبَتَتْ حُجَّتُهُ بِإِجْمَاعِهِمْ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي.
وَفِي حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا كَتَبَ بِهِ إلَى نَجْدَةَ الْحَرُورِيِّ حِينَ سَأَلَهُ عَنْ سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى فَقَالَ : كُنَّا نَرَى أَنَّهُ لَنَا فَدَعَانَا عُمَرُ إلَى أَنْ نُزَوِّجَ مِنْهُ أَيِّمَنَا وَنَقْضِيَ مِنْهُ عَنْ مَغْرَمِنَا فَأَبَيْنَا أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ لَنَا وَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا قَوْمُنَا " وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ :" فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْنَا بَنُو عَمِّنَا ".
فَأَخْبَرَ أَنَّ قَوْمَهُ وَهُمْ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَوْهُ لِفُقَرَائِهِمْ دُونَ أَغْنِيَائِهِمْ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ :" كُنَّا نَرَى أَنَّهُ لَنَا إخْبَارٌ أَنَّهُ قَالَهُ مِنْ طَرِيقِ الرَّأْيِ وَلَا حَظَّ لِلرَّأْيِ مَعَ السُّنَّةِ وَاتِّفَاقِ جُلِّ الصَّحَابَةِ مِنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِ عُمَرَ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْهُ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ وَالْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَلَغْنَا النِّكَاحَ فَجِئْنَاك لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ فَنُؤَدِّيَ إلَيْك مَا يُؤَدِّي الْعُمَّالُ وَنُصِيبَ مَا يُصِيبُونَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ ﴾ ثُمَّ أَمَرَ مَحْمِيَّةَ أَنْ يُصَدِّقَهُمَا مِنْ الْخُمُسِ ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحِقٌّ بِالْفَقْرِ، إذْ كَانَ إنَّمَا اقْتَضَى لَهُمَا عَلَى مِقْدَارِ الصَّدَاقِ الَّذِي احْتَاجَا إلَيْهِ لِلتَّزَوُّجِ وَلَمْ يَأْمُرْ لَهُمَا بِمَا فَضَلَ عَنْ الْحَاجَةِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ قِسْمَتُهُ عَلَى السُّهْمَانِ وَأَنَّهُ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :


الصفحة التالية
Icon