قِيلَ لَهُ فَقَدْ خَاطَبَ عَلِيًّا بِمِثْلِ ذَلِكَ وَهُوَ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى، وَقَالَ لِبَعْضِ بَنَاتِ عَمِّهِ حِينَ ذَهَبَتْ مَعَ فَاطِمَةَ إلَيْهِ تَسْتَخْدِمُهُ :﴿ سَبَقَكُنَّ يَتَامَى بَدْرٍ، ﴾ وَفِي يَتَامَى بَدْرٍ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ لِأَنَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّتَا بِالْقَرَابَةِ شَيْئًا لَا يَجُوزُ مَنْعُهُمَا إيَّاهُ لَمَا مَنَعَهُمَا حَقَّهُمَا وَلَا عَدَلَ بِهِمَا إلَى غَيْرِهِمَا ؛ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ سَهْمَهُمْ مِنْ الْخُمُسِ أَمْرُهُ كَانَ مَوْكُولًا إلَى رَأْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَنْ يُعْطِيَهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَالثَّانِي : أَنَّ إعْطَاءَهُمْ مِنْ الْخُمُسِ أَوْ مَنْعَهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِتَحْرِيمِ الصَّدَقَةِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إنَّ قَرَابَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشٌ كُلُّهَا فَإِنَّهُ يَحْتَجُّ لِذَلِكَ بِأَنَّهُ نَزَلَتْ :﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الْأَقْرَبِينَ ﴾ ﴿ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا بَنِي فِهْرٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ يَا بَنِي فُلَانٍ ﴾ لِبُطُونِ قُرَيْشٍ ﴿ إنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ :﴿ يَا بَنِي كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ وَأَنَّهُ قَالَ : يَا بَنِي هَاشِمٍ يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ.
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ :﴾
اجْمَعْ لِي بَنِي هَاشِمٍ وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا.
قَالُوا : فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ قُرَيْشًا كُلَّهَا مِنْ أَقْرِبَائِهِ وَكَانَ إعْطَاءُ السَّهْمِ مِنْ الْخُمُسِ مَوْكُولًا إلَى رَأْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ مَنْ كَانَ لَهُ مِنْهُمْ نُصْرَةٌ دُونَ غَيْرِهِمْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : اسْمُ الْقَرَابَةِ وَاقِعٌ عَلَى هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ لِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُمْ عِنْدَ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الْأَقْرَبِينَ ﴾ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِذَوِي قُرْبَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْكَامٌ ثَلَاثَةٌ : أَحَدُهَا :


الصفحة التالية
Icon