قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِطَاعَتِهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ وَنَهَى بِهَا عَنْ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ وَأَخْبَرَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ وَالتَّنَازُعَ يُؤَدِّي إلَى الْفَشَلِ وَهُوَ ضَعْفُ الْقَلْبِ مِنْ فَزَعٍ يَلْحَقُهُ، وَأَمَرَ فِي آيَةٍ أُخْرَى بِطَاعَةِ وُلَاةِ الْأَمْرِ لِنَفْيِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ الْمُؤَدِّيَيْنِ إلَى الْفَشَلِ فِي قَوْلِهِ :﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى :﴿ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ أَرَاهُمْ فِي مَنَامِهِمْ قَلِيلًا لِئَلَّا يَتَنَازَعُوا إذَا رَأَوْهُمْ كَثِيرًا فَيَفْشَلُوا.
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ إذَا اجْتَمَعَتْ كَلِمَتُهُمْ.
﴾ فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا النَّهْيَ عَنْ الِاخْتِلَافِ وَالتَّنَازُعِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الْفَشَلِ وَإِلَى ذَهَابِ الدَّوْلَةِ بِقَوْلِهِ :﴿ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾.
وَقِيلَ إنَّ الْمَعْنَى رِيحُ النَّصْرِ الَّتِي يَبْعَثُهَا اللَّهُ مَعَ مَنْ يَنْصُرُهُ عَلَى مَنْ يَخْذُلُهُ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ قَتَادَةَ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ :﴿ تَذْهَبَ دَوْلَتُكُمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ : ذَهَبَتْ رِيحُهُ أَيْ ذَهَبَتْ دَوْلَتُهُ ﴾.