مَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ الْحُصَيْنِ بْنِ حَرْمَلَةَ الْمَهْرِيِّ عَنْ أَبِي الْمُصَبِّحِ قَالَ : سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ وَالنَّيْلُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَصْحَابُهَا مُعَانُونَ، قَلِّدُوهَا وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ.
﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَيَّنَ فِي الْخَبَرِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْخَيْرَ هُوَ الْأَجْرُ وَالْغَنِيمَةُ، وَفِي ذَلِكَ مَا يُوجِبُ أَنَّ ارْتِبَاطَهَا قُرْبَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْجِهَادُ ؛ وَهُوَ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى بَقَاءِ الْجِهَادِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ؛ إذْ كَانَ الْأَجْرُ مُسْتَحِقًّا بِارْتِبَاطِهَا لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ وَلَا تُقَلِّدُوهَا الْأَوْتَارَ ﴾ قِيلَ فِيهِ مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا : خَشْيَةُ اخْتِنَاقِهَا بِالْوَتَرِ، وَالثَّانِي : أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إذَا طَلَبُوا بِالْأَوْتَارِ الدُّخُولَ قَلَّدُوا خَيْلَهُمْ الْأَوْتَارَ يَدُلُّونَ بِهَا عَلَى أَنَّهُمْ طَالِبُونَ بِالْأَوْتَارِ مُجْتَهِدُونَ فِي قَتْلِ مَنْ يَطْلُبُونَهُمْ بِهَا، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّلَبَ بِذُحُولِ الْجَاهِلِيَّةِ ؛ وَلِذَلِكَ ﴿ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ : أَلَا إنَّ كُلَّ دَمٍ وَمَأْثَرَةٍ فَهُوَ مَوْضُوعٌ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُهُ دَمُ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ.
﴾