الْآيَةَ وَمَثَلُك يَا عُمَرُ مَثَلُ نُوحٍ ؛ إذْ قَالَ ﴿ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا ﴾ وَمَثَلُ مُوسَى ؛ إذْ قَالَ ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ ﴾ الْآيَةَ ﴿ أَنْتُمْ عَالَةٌ فَلَا يَنْفَلِتَنَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا بِفِدَاءٍ أَوْ ضَرْبَةِ عُنُقٍ ﴾.
فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَّا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْإِسْلَامَ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ " إلَّا سُهَيْلَ ابْنَ بَيْضَاءَ " فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ ﴾ إلَى آخِرِ الْآيَتَيْنِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ اسْتَشَارَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيًّا فِي أُسَارَى بَدْرٍ فَأَشَارَ أَبُو بَكْرٍ بِالْفِدَاءِ وَأَشَارَ عُمَرُ بِالْقَتْلِ فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قَالَ عُمَرُ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ جِئْت إلَى رَسُولِ اللَّهِ فَإِذَا هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَانِ يَبْكِيَانِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُك فَقَالَ :" أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُك مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى ﴾ إلَى آخِرِ الْقِصَّةِ فَذَكَرَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْبَابِ وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ قَوْلَهُ ﴿ لَوْلَا كِتَابٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ إنَّمَا نَزَلَ فِي أَخْذِهِمْ الْغَنَائِمَ.
وَذَكَرَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ الْآخَرِ أَنَّ الْوَعِيدَ إنَّمَا كَانَ فِي عَرْضِهِمْ الْفِدَاءَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَإِشَارَتِهِمْ عَلَيْهِ بِهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِمَعْنَى الْآيَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ ﴾ وَلَمْ يَقُلْ فِيمَا عَرَضْتُمْ وَأَشَرْتُمْ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الْوَعِيدُ فِي قَوْلٍ


الصفحة التالية
Icon