بَكْرٍ، وَلِأَنَّهُ فِي السَّنَةِ الَّتِي حَجَّ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحُجَّ فِيهَا الْمُشْرِكُونَ لِتَقَدُّمِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ : الْحَجُّ الْأَكْبَرُ يَوْمُ النَّحْرِ وَالْحَجُّ الْأَصْغَرُ الْعُمْرَةُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : الْعُمْرَةُ هِيَ الْحَجَّةُ الصُّغْرَى وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَوْلُهُ :﴿ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ ﴾ قَدْ اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ حَجٌّ أَصْغَرُ، وَهُوَ الْعُمْرَةُ، عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ الْعُمْرَةُ الْحَجَّةُ الصُّغْرَى ﴾، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ اسْمَ الْحَجِّ يَقَعُ عَلَى الْعُمْرَةِ، ثُمَّ ﴿ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ حِينَ سَأَلَهُ فَقَالَ : الْحَجُّ فِي كُلِّ عَامٍ أَوْ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا، بَلْ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ ﴾، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ وُجُوبِ الْعُمْرَةِ لِنَفْيِ النَّبِيِّ الْوُجُوبَ إلَّا فِي حِجَّةِ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ : الْحَجُّ عَرَفَةَ ﴾، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ النَّحْرِ لِأَنَّ فِيهِ تَمَامَ قَضَاءِ الْمَنَاسِكِ وَالتَّفَثَ، وَيَحْتَمِلُ أَيَّامَ مِنًى عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَخَصَّهُ بِالْأَكْبَرِ لِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِفِعْلِ الْحَجِّ فِيهِ دُونَ الْعُمْرَةِ، وَقَدْ قِيلَ : إنَّ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، لِأَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْحَجُّ لِقَضَاءِ الْمَنَاسِكِ، وَعَرَفَةُ قَدْ يَأْتِيهَا بَعْضُهُمْ لَيْلًا، وَبَعْضُهُمْ نَهَارًا، وَأَمَّا النِّدَاءُ بِسُورَةِ بَرَاءَةٌ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ كَانَ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَجَائِزٌ يَوْمَ النَّحْرِ.