وَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ سَبَتْ ذَرَارِيَّ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَقَتَلَتْ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَسَمَّوْهُمْ أَهْلَ الرِّدَّةِ لِأَنَّهُمْ امْتَنَعُوا مِنْ الْتِزَامِ الزَّكَاةِ وَقَبُولِ وُجُوبِهَا فَكَانُوا مُرْتَدِّينَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مِنْ كَفَرَ بِآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كُلِّهِ، وَعَلَى ذَلِكَ أَجْرَى حُكْمَهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ مَعَ سَائِرِ الصَّحَابَةِ حِينَ قَاتَلُوهُمْ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مُرْتَدُّونَ بِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ قَبُولِ فَرْضِ الزَّكَاةِ مَا رَوَى مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّتْ الْعَرَبُ كَافَّةً فَقَالَ عُمَرُ : يَا أَبَا بَكْرٍ أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ الْعَرَبَ كَافَّةً فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إذَا شَهِدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ، وَآتَوْا الزَّكَاةَ مَنَعُونِي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ.
وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا مِمَّا كَانُوا يُعْطُونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ.
وَرَوَى مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ : لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّتْ الْعَرَبُ عَنْ الْإِسْلَامِ إلَّا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، فَنَصَبَ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ الْحَرْبَ فَقَالُوا : فَإِذًا نَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَنُصَلِّي وَلَا نُزَكِّي، فَمَشَى عُمَرُ، وَالْبَدْرِيُّونَ إلَى أَبِي بَكْرٍ، وَقَالُوا : دَعْهُمْ فَإِنَّهُمْ إذَا اسْتَقَرَّ الْإِسْلَامُ فِي قُلُوبِهِمْ وَثَبَتَ أَدَّوْا فَقَالَ : وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا مِمَّا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، وَقَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثَلَاثٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :{ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا


الصفحة التالية
Icon