، مِنْ نَحْوِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَحْزَابِهِ مِمَّنْ لَمْ يَنْقَ قَلْبُهُ مِنْ الْكُفْرِ، فَيَكُونُ مُرَادُ الْآيَةِ هَؤُلَاءِ دُونَ أَهْلِ الْعَهْدِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَمْ يُظْهِرُوا الْإِسْلَامَ، وَهُمْ الَّذِينَ كَانُوا هَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ مِنْ مَكَّةَ، وَبَدَرَهُمْ بِالْقِتَالِ وَالْحَرْبِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ.
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْنَا، وَسَائِرَ رُؤَسَاءِ الْعَرَبِ الَّذِينَ كَانُوا مُعَاضِدِينَ لِقُرَيْشٍ عَلَى حَرْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقِتَالِهِمْ وَقَتْلِهِمْ إنْ هُمْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ، وَطَعَنُوا فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ ﴾ مَعْنَاهُ : لَا أَيْمَانَ لَهُمْ وَافِيَةً مَوْثُوقًا بِهَا.
وَلَمْ يَنْفِ بِهِ وُجُودَ الْأَيْمَانِ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ بَدِيًّا :﴿ وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ ﴾ وَعَطَفَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلَهُ :﴿ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ ﴾ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ :﴿ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ ﴾ نَفْيَ الْأَيْمَانِ أَصْلًا، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ نَفْيَ الْوَفَاءِ بِهَا.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إطْلَاقِ ﴿ لَا ﴾ وَالْمُرَادُ نَفْيُ الْفَضْلِ دُونَ نَفْيِ الْأَصْلِ، وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ مَوْجُودَةٌ فِي السُّنَنِ، وَفِي كَلَامِ النَّاسِ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ ﴾ وَ ﴿ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ﴾ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَأَطْلَقَ الْإِمَامَةَ فِي الْكُفْرِ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الْمُقْتَدَى بِهِ الْمُتَّبَعُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلَى النَّارِ ﴾ وَقَالَ فِي الْخَيْرِ :﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ فَالْإِمَامُ فِي الْخَيْرِ هَادٍ مُهْتَدٍ، وَالْإِمَامُ فِي الشَّرِّ ضَالٌّ مُضِلٌّ.
وَقَدْ قِيلَ : إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ