قَوْله تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ﴾ فِيهِ نَهْيٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عَنْ مُوَالَاةِ الْكُفَّارِ وَنُصْرَتِهِمْ وَالِاسْتِنْصَارِ بِهِمْ وَتَفْوِيضِ أُمُورِهِمْ إلَيْهِمْ وَإِيجَابِ التَّبَرِّي مِنْهُمْ وَتَرْكِ تَعْظِيمِهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ، وَسَوَاءٌ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْإِخْوَانِ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَمَرَ مَعَ ذَلِكَ بِالْإِحْسَانِ إلَى الْأَبِ الْكَافِرِ، وَصُحْبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ وَإِنْ جَاهَدَاك عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾، وَإِنَّمَا أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ لِيَتَمَيَّزُوا مِنْ الْمُنَافِقِينَ، إذْ كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَتَوَلَّوْنَ الْكُفَّارَ، وَيُظْهِرُونَ إكْرَامَهُمْ وَتَعْظِيمَهُمْ إذَا لَقُوهُمْ، وَيُظْهِرُونَ لَهُمْ الْوِلَايَةَ وَالْحِيَاطَةَ، فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَمَرَ بِهِ الْمُؤْمِنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَمًا يَتَمَيَّزُ بِهِ الْمُؤْمِنُ مِنْ الْمُنَافِقِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِقٌّ لِلْعُقُوبَةِ مِنْ رَبِّهِ.


الصفحة التالية
Icon