مِنْكُمْ } فَسَوَّى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَنْعِ مِنْ الرِّبَا وَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ الْمَحْظُورَةِ، وَقَالَ تَعَالَى :﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا فِي عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ وَالتِّجَارَاتِ وَالْحُدُودِ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَالْمُسْلِمُونَ فِيهَا سَوَاءٌ، إلَّا أَنَّهُمْ لَا يُرْجَمُونَ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُحْصَنِينَ.
وَقَالَ مَالِكٌ :" الْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ إذَا اخْتَصَمُوا إلَيْهِ بَيْنَ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ أَوْ يُعْرِضَ عَنْهُمْ فَلَا يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ " وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْعُقُودِ وَالْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي مُنَاكَحَتِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُمْ مُقَرُّونَ عَلَى أَحْكَامِهِمْ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمْ فِيهَا إلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِأَحْكَامِنَا، فَإِنْ رَضِيَ بِهَا الزَّوْجَانِ حُمِلَا عَلَى أَحْكَامِنَا، وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمَا لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا تَرَاضَيَا جَمِيعًا حَمَلَهُمَا عَلَى أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ إلَّا فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ، وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمُوا ".
وَقَالَ مُحَمَّدٌ :" إذَا رَضِيَ أَحَدُهُمَا حُمِلَا جَمِيعًا عَلَى أَحْكَامِنَا وَإِنْ أَبَى الْآخَرُ، إلَّا فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ خَاصَّةً ".
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ :" يُحْمَلُونَ عَلَى أَحْكَامِنَا وَإِنْ أَبَوْا إلَّا فِي النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ نُجِيزُهُ إذَا تَرَاضَوْا بِهَا ".
فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ فِي إقْرَارِهِمْ عَلَى مُنَاكَحَاتِهِمْ، إلَى أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَ نِكَاحَ ذَوَاتِ الْمَحْرَمِ وَمَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا ؛ وَكَذَلِكَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَسْتَحِلُّونَ كَثِيرًا مِنْ عُقُودِ الْمُنَاكَحَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمْ حِينَ عَقَدَ لَهُمْ الذِّمَّةَ مِنْ