الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ وَهُمْ يُصَلُّونَ فَقَدْ دَلَّتْ عَلَى إبَاحَتِهَا فِي سَائِرِ أَحْوَالِ الصَّلَاةِ ؛ فَكَيْفَمَا تَصَرَّفَتْ الْحَالُ فَالْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى إبَاحَةِ الصَّدَقَةِ فِي الصَّلَاةِ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَتَصَدَّقُونَ وَيُصَلُّونَ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ فِعْلَ الصَّدَقَةِ فِي الصَّلَاةِ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا تَأْوِيلٌ سَاقِطٌ، مِنْ قِبَلِ أَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ إخْبَارٌ عَنْ الْحَالِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الصَّدَقَةُ، كَقَوْلِك : تَكَلَّمَ فُلَانٌ وَهُوَ قَائِمٌ، وَأَعْطَى فُلَانًا وَهُوَ قَاعِدٌ، إنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ حَالِ الْفِعْلِ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرْت، كَانَ تَكْرَارًا لِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي أَوَّلِ الْخِطَابِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ وَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ :" الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُصَلُّونَ " وَهَذَا لَا يَجُوزُ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فَثَبَتَ أَنَّ الْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ مَدْحِ الصَّدَقَةِ فِي حَالِ الرُّكُوعِ أَوْ فِي حَالِ الصَّلَاةِ وقَوْله تَعَالَى :﴿ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ تُسَمَّى زَكَاةً لِأَنَّ عَلِيًّا تَصَدَّقَ بِخَاتَمِهِ تَطَوُّعًا وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُضْعِفُونَ ﴾ انْتَظَمَ صَدَقَةَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فَصَارَ اسْمُ الزَّكَاةِ يَتَنَاوَلُ الْفَرْضَ وَالنَّفَلَ كَاسْمِ الصَّدَقَةِ وَكَاسْمِ الصَّلَاةِ يَنْتَظِمُ الْأَمْرَيْنِ.


الصفحة التالية
Icon