قَوْله تَعَالَى :﴿ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾ أَضَافَ بَعْضَهُمْ إلَى بَعْضٍ بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى النِّفَاقِ، فَهُمْ مُتَشَاكِلُونَ مُتَشَابِهُونَ فِي تَعَاضُدِهِمْ عَلَى النِّفَاقِ وَالْأَمْرِ بِالْمُنْكَرِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمَعْرُوفِ كَمَا يُضَافُ بَعْضُ الشَّيْءِ إلَيْهِ لِمُشَاكَلَتِهِ لِلْجُمْلَةِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ﴾ فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَمُجَاهِدٍ : عَنْ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ".
وَقَالَ قَتَادَةُ :" عَنْ كُلِّ خَيْرٍ ".
وَقَالَ غَيْرُهُ :" عَنْ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ".
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونُوا قَبَضُوا أَيْدِيَهُمْ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ جَمِيعَ مَا احْتَمَلَهُ اللَّفْظُ مِنْهُ.
وَقَوْلُهُ : نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ تَرَكُوا أَمْرَهُ وَالْقِيَامَ بِطَاعَتِهِ حَتَّى صَارَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْسِيِّ، إذْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا مِنْهُ شَيْئًا كَمَا لَا يُعْمَلُ بِالْمَنْسِيِّ.
وَقَوْلُهُ : فَنَسِيَهُمْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَرَكَهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَسَمَّاهُ بِاسْمِ الذَّنْبِ لِمُقَابَلَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَجَزَاءٌ عَلَى الْفِعْلِ، وَهُوَ مَجَازٌ كَقَوْلِهِمْ : الْجَزَاءُ بِالْجَزَاءِ، وَقَوْلِهِ : وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ.