وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ ؟ فَقُلْت : صَنَعْتهنَّ أَتَزَّيَّنُ لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ ؟ قُلْت : لَا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، قَالَ : هُوَ حَسْبُك مِنْ النَّارِ.
} فَانْتَظَمَ هَذَا الْخَبَرُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : وُجُوبُ زَكَاةِ الْحُلِيِّ، وَالْآخَرُ : أَنَّ الْمَصُوغَ يُسَمَّى وَرِقًا لِأَنَّهَا قَالَتْ :﴿ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرَقٍ ﴾ فَاقْتَضَى ظَاهِرُ قَوْلِهِ :﴿ فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ ﴾ إيجَابُ الزَّكَاةِ فِي الْحُلِيِّ ؛ لِأَنَّ الرِّقَةَ وَالْوَرِقَ وَاحِدٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ يَتَعَلَّقُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِمَا بِأَعْيَانِهِمَا فِي مِلْكِ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ لَا بِمَعْنَى يَنْضَمَّ إلَيْهِمَا، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ النُّقَرَ وَالسَّبَائِكَ تَجِبُ فِيهِمَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُرْصَدَةً لِلنَّمَاءِ، وَفَارَقَا بِهَذَا غَيْرَهُمَا مِنْ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا بِوُجُودِ الْمِلْكِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُرْصَدَةً لِلنَّمَاءِ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ حُكْمُ الْمَصُوغِ وَالْمَضْرُوبِ.
وَأَيْضًا لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْحُلِيَّ إذَا كَانَ فِي مِلْكِ الرَّجُلِ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي مِلْكِ الْمَرْأَةِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ.
وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِيمَا يَلْزَمُهُمَا مِنْ الزَّكَاةِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَخْتَلِفَا فِي الْحُلِيِّ.
فَإِنْ قِيلَ : الْحُلِيُّ كَالنُّقُرِ الْعَوَامِلِ وَثِيَابِ الْبِذْلَةِ.
قِيلَ لَهُ : قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا عَدَاهُمَا يَتَعَلَّقُ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِمَا بِأَنْ يَكُونَ مُرْصَدًا لِلنَّمَاءِ، فَمَا لَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَعْنَى لَمْ تَجِبْ، وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ لِأَعْيَانِهِمَا بِدَلَالَةِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَالنُّقَرُ وَالسَّبَائِكُ إذَا أَرَادَ بِهِمَا الْقُنْيَةَ وَالتَّبْقِيَةَ لَا طَلَبَ النَّمَاءِ.
وَأَيْضًا لَمَّا