قَوْله تَعَالَى :﴿ إذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إلَى أَبِينَا مِنَّا ﴾ الْآيَةَ.
تَفَاوَضُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَظْهَرُوا الْحَسَدَ الَّذِي كَانُوا يُضْمِرُونَهُ لِقُرْبِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ أَبِيهِمْ دُونَهُمْ، وَقَالُوا :﴿ إنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ يَعْنُونَ عَنْ صَوَابِ الرَّأْيِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهُمْ، وَكَانَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْأَكْبَرَ، أَوْلَى بِتَقْدِيمِ الْمَنْزِلَةِ مِنْ الْأَصْغَرِ وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ الْبَنِينَ، أَوْلَى بِالْمَحَبَّةِ مِنْ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ ﴾، وَمَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا أَنْفَعَ لَهُ فِي تَدْبِيرِ أَمْرِ الدُّنْيَا ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ بِأَمْوَالِهِ وَمَوَاشِيهِ، فَذَهَبُوا إلَى أَنَّ اصْطِفَاءَهُ إيَّاهُ بِالْمَحَبَّةِ دُونَهُمْ وَتَقْدِيمَهُ عَلَيْهِمْ ذَهَابٌ عَنْ طَرِيقِ الصَّوَابِ.