قَوْله تَعَالَى :﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ﴾ الْآيَةَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَهِلَالِ بْنِ يَسَارٍ :" أَنَّهُ صَبِيٌّ فِي الْمَهْدِ " وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَالْحَسَنِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَعِكْرِمَةَ قَالُوا :" هُوَ رَجُلٌ " وَقَالَ عِكْرِمَةُ :" إنَّ الْمَلِكَ لَمَّا رَأَى يُوسُفَ مَشْقُوقَ الْقَمِيصِ عَلَى الْبَابِ قَالَ ذَلِكَ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ، فَقَالَ : إنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ، فَإِنَّهُ طَلَبَهَا فَامْتَنَعَتْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ دُبُرٍ، فَإِنَّهُ فَرَّ مِنْهَا وَطَلَبَتْهُ ".
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَحْتَجُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي الْحُكْمِ بِالْعَلَامَةِ فِي اللُّقَطَةِ إذَا ادَّعَاهَا مُدَّعٍ وَوَصَفَهَا.
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُدَّعِي اللُّقَطَةِ إذَا وَصَفَ عَلَامَاتٍ فِيهَا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ :" لَا يَسْتَحِقُّهَا بِالْعَلَامَةِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ، وَلَا يُجْبَرُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى دَفْعِهَا إلَيْهِ بِالْعَلَامَةِ، وَيَسَعُهُ أَنْ يَدْفَعَهَا، وَإِنْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ ".
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ :" فِي قِيَاسِ قَوْلِ مَالِكٍ يَسْتَحِقُّهَا بِالْعَلَامَةِ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا إلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ مُسْتَحِقٌّ فَاسْتَحَقَّهَا بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَضْمَنْ الْمُلْتَقِطُ شَيْئًا ".
وَقَالَ مَالِكٌ :" وَكَذَلِكَ اللُّصُوصُ إذَا وُجِدَ مَعَهُمْ أَمْتِعَةٌ فَجَاءَ قَوْمٌ فَادَّعَوْهَا وَلَيْسَ لَهُمْ بَيِّنَةٌ أَنَّ السُّلْطَانَ يَتَلَوَّمُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُمْ دَفَعَهُ إلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْآبِقُ ".
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ :" يَدْفَعُهَا إلَيْهِ بِالْعَلَامَةِ " وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي اللَّقِيطِ إذَا ادَّعَاهُ رَجُلَانِ وَوَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ :" إنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ ".
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ :" إنَّ مَا يَكُونُ لِلرَّجُلِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ وَمَا كَانَ لِلنِّسَاءِ