يَدِهِ، فَلَمَّا تَنَازَعَهُ اثْنَانِ صَارَ كَأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اسْتَحَقَّا أَنْ يُقْضَى بِالنَّسَبِ لَهُمَا لَوْ لَمْ يَصِفْ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً فِي جَسَدِهِ، فَلَمَّا زَالَتْ يَدُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ صَارَ بِمَنْزِلَتِهِ لَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ جَمِيعُهُ فِي يَدِ هَذَا وَجَمِيعُهُ فِي يَدِ هَذَا، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ اعْتِبَارُ الْعَلَامَةِ.
وَنَظِيرُهُ الزَّوْجَانِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ، لَمَّا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَدٌ فِي الْجَمِيعِ اُعْتُبِرَ أَظْهَرُهُمَا تَصَرُّفًا وَآكَدُهُمَا يَدًا، وَكَذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ لَهُ يَدٌ فِي الدَّارِ، وَالْمُؤَاجِرُ أَيْضًا لَهُ يَدٌ فِي جَمِيعِ الدَّارِ فَلَمَّا اسْتَوَيَا فِي الْيَدِ فِي الْجَمِيعِ كَانَ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ الْعَلَامَةُ الْمُوَافِقَةُ لِصِحَّةِ دَعْوَاهُ أَوْلَى، وَكَانَ ذَلِكَ تَرْجِيحًا لِحُكْمِ يَدِهِ لَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِهِ الْحُكْمَ لَهُ بِالْمِلْكِ كَمَا يَسْتَحِقُّ بِالْبَيِّنَاتِ.
فَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي اعْتَبَرُوا فِيهَا الْعَلَامَةَ إنَّمَا اعْتَبَرُوهَا مَعَ ثُبُوتِ الْيَدِ لَكُلّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ فِي الْجَمِيعِ، فَصَارَتْ الْعَلَامَةُ مِنْ حُجَّةِ الْيَدِ دُونَ اسْتِحْقَاقِ الْمِلْكِ بِالْعَلَامَةِ، وَأَمَّا الْمُدَّعِيَانِ إذَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا شَيْءٌ مِنْ الْمَتَاعِ وَأَحَدُهُمَا مِمَّنْ يُعَالِجُ مِثْلَهُ وَهُوَ مِنْ آلَتِهِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا فِي صِنَاعَتِهِ، فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَأَنَّ مَا فِي يَدِ هَذَا لَيْسَ فِي يَدِ الْآخَرِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَوْ حَكَمْنَا لِأَحَدِهِمَا بِظَاهِرِ صِنَاعَتِهِ، أَوْ بِعَلَامَةٍ مَعَهُ لَكُنَّا قَدْ اسْتَحْقَقْنَا عَلَيْهِ يَدًا هِيَ لَهُ دُونَهُ، فَهُمَا فِيهِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلِ إسْكَافٍ ادَّعَى قَالِبَ خُفٍّ فِي يَدِ صَيْرَفِيٍّ فَلَا يَسْتَحِقُّ يَدَ الصَّيْرَفِيِّ لِأَجْلِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِنَاعَتِهِ، وَمَسْأَلَةُ اللُّقَطَةِ هِيَ هَذِهِ بِعَيْنِهَا ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَدَ لَهُ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ اسْتِحْقَاقَ يَدِ الْمُلْتَقِطِ بِالْعَلَامَةِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ