وَقَوْلُهُ :﴿ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أُجْرَةَ الْكَيَّالِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ عَلَيْهِ تَعْيِينَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْكَيْلِ، وَقَدْ قَالُوا لَهُ :﴿ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ ﴾ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَيْلَ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ :﴿ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي ﴾، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَيْلَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ مُرَادَهُ الصَّاعُ الَّذِي اكْتَالَ بِهِ الْبَائِعُ مِنْ بَائِعِهِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي هُوَ مَا اكْتَالَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي مِنْ الْبَائِعِ.
قِيلَ لَهُ : قَوْلُهُ صَاعُ الْبَائِعِ " لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ هُوَ الَّذِي اكْتَالَ، وَجَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الصَّاعَ الَّذِي كَالَ الْبَائِعُ بِهِ بَائِعَهُ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي الَّذِي كَالَهُ لَهُ بَائِعُهُ، فَلَا دَلَالَة فِيهِ عَلَى الِاكْتِيَالِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ فِيمَا وَصَفْنَا مِنْ الْكَيْلِ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ أُجْرَةَ وِزَانِ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ عَلَيْهِ تَعْيِينَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِوَزْنِهِ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْوِزَانِ.
وَأَمَّا أُجْرَةُ النَّاقِدِ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِمَاعَةَ رَوَى عَنْ مُحَمَّدٍ :" أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ الْبَائِعُ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّ عَلَيْهِ تَسْلِيمَ الثَّمَنِ إلَيْهِ صَحِيحًا، إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ فَأُجْرَةُ النَّاقِدِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَهُ وَمَلَكَهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ شَيْئًا مِنْهُ مَعِيبٌ يَجِبُ رَدُّهُ ".