يَمْلِكُ بِحَالٍ كَذَلِكَ الْعَبْدُ، وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى الْأَصْنَامَ عِبَادًا بِقَوْلِهِ :﴿ إنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ﴾ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيُّ :" الْعَبْدُ لَا يَمْلِكُ وَلَا يَتَسَرَّى ".
وَقَالَ مَالِكٌ :" يَمْلِكُ وَيَتَسَرَّى ".
وَقَدْ رَوَى أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَكِّيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ :" لَا يَحِلُّ فَرْجُ الْمَمْلُوكِ إلَّا لِمَنْ إنْ بَاعَ أَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَعْتَقَ جَازَ " يَعْنِي بِذَلِكَ الْمَمْلُوكَ وَكَذَلِكَ رَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَابْنِ سِيرِينَ وَالْحَكَمِ :" أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتَسَرَّى ".
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ :" أَنَّ الْعَبْدَ يَتَسَرَّى "، وَرَوَى يَعْمُرُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ :" أَنَّهُ كَانَ يَرَى بَعْضَ رَقِيقِهِ يَتَّخِذُ السُّرِّيَّةَ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ " وَقَالَ الْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ :" يَتَسَرَّى الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ".
وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ الْعَبْدُ لَا يَتَسَرَّى ﴾ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ لَجَازَ لَهُ التَّسَرِّي بِقَوْلِهِ :﴿ وَاَلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ : مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ ﴾ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْ جَعَلَهُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَخْرَجَ الْعَبْدَ مِنْهُ صِفْرًا بِلَا شَيْءٍ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ لِلْمَوْلَى أَخْذَ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ لِأَجْلِ مِلْكِهِ لِرَقَبَتِهِ، فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مِمَّنْ يَمْلِكُ لَمَا كَانَ لَهُ أَخْذُ مَا فِي يَدِهِ لِأَنَّ مَا بَانَ بِهِ