الْكَجِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ أَبِي الْمَسَاوِرِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : وَكَانَ مَمْلُوكًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : يَا عُمَيْرُ بَيِّنْ لِي مَالَك فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَك، إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :﴿ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَالُهُ لِلَّذِي أَعْتَقَ ﴾ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا.
وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ الْمَسْعُودِيَّ رَوَاهُ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، وَذَلِكَ لَا يُفْسِدُهُ عِنْدَنَا.
فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ وَذَلِكَ عَائِدٌ عَلَى جَمِيعِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ الْأَيَامَى وَالْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، فَأَثْبَتَ لِلْعَبْدِ الْغِنَى وَالْفَقْرَ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ ؛ إذْ لَوْ لَمْ يَمْلِكْ لَكَانَ أَبَدًا فَقِيرًا.
قِيلَ لَهُ : لَا يَخْلُو قَوْلُهُ :﴿ إنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ الْغِنَى بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ عَنْ الْحَرَامِ أَوْ الْغِنَى بِالْمَالِ فَلَمَّا وَجَدْنَا كَثِيرًا مِنْ الْمُتَزَوِّجِينَ لَا يَسْتَغْنُونَ بِالْمَالِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مُخْبِرَ أَخْبَارِ اللَّهِ لَا مَحَالَةَ كَائِنٌ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ، عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْغِنَى بِالْمَالِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْغِنَى بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ عَنْ الْحَرَامِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إنْ أَرَادَ الْغِنَى بِالْمَالِ فَإِنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَيَامَى وَالْأَحْرَارِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْآيَةِ دُونَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ لَا يَمْلِكُونَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلِيلِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْتَغْنِي بِالْمَالِ عِنْدَ مُخَالِفِنَا لِأَنَّ الْمَوْلَى أَوْلَى بِجَمِيعِ مَالِهِ مِنْهُ، فَأَيُّ غِنًى فِي مَالٍ يَحْصُلُ لَهُ وَغَيْرُهُ أَوْلَى بِهِ


الصفحة التالية
Icon