سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ } وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ تَسْأَلَهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بَعْدَ سُؤَالٍ مُتَقَدِّمٍ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ ﴾ مَعْنَاهُ : إذَا قَرَأْت فَقَدِّمْ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَحَقِيقَةُ مَعْنَاهُ : إذَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ فَاسْتَعِذْ، وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ : إذَا قُلْت فَاصْدُقْ وَإِذَا أَحْرَمْت فَاغْتَسِلْ يَعْنِي قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَالْمَعْنَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إذَا أَرَدْت ذَلِكَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ ﴾ مَعْنَاهُ : إذَا أَرَدْت قِرَاءَتَهُ.
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ :" الِاسْتِعَاذَةُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقِرَاءَةِ شَاذٌّ، وَإِنَّمَا الِاسْتِعَاذَةُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ لِنَفْيِ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إلَّا إذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ﴾ فَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِتَقْدِيمِ الِاسْتِعَاذَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ.
وَالِاسْتِعَاذَةُ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَلِّمْهَا الْأَعْرَابِيَّ حِينَ عَلَّمَهُ الصَّلَاةَ، وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا لَمْ يُخْلِهِ مِنْ تَعْلِيمِهَا.