قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ﴾ قَالَ سَعِيدٌ :" أُمِرُوا بِالطَّاعَةِ فَعَصَوْا ".
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ :" كُنَّا نَقُولُ لِلْحَيِّ إذَا كَثُرُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَدْ أُمِرَ بَنُو فُلَانٍ ".
وَعَنْ الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ :﴿ أَمَرْنَا ﴾ أَكْثَرْنَا.
وَمَعْنَاهُ عَلَى هَذَا أَنَّا إذَا كَانَ فِي مَعْلُومِنَا إهْلَاكُ قَرْيَةٍ أَكْثَرْنَا مُتْرَفِيهَا، وَلَيْسَ الْمَعْنَى وُجُودَ الْإِرَادَةِ مِنْهُ لِإِهْلَاكِهِمْ قَبْلَ الْمَعْصِيَةِ لِأَنَّ الْإِهْلَاكَ عُقُوبَةٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ أَنْ يُعَاقِبَ مَنْ لَمْ يَعْصِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ﴾ لَيْسَ الْمَعْنَى وُجُودَ الْإِرَادَةِ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ أَنَّهُ فِي الْمَعْلُومِ أَنَّهُ سَيَنْقَضُّ.
وَخَصَّ الْمُتْرَفِينَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ الرُّؤَسَاءُ وَمَنْ عَدَاهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ، وَكَمَا أَمَرَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمُهُ تَبَعٌ لَهُمْ، وَكَمَا ﴿ كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى قَيْصَرَ أَسْلِمْ وَإِلَّا فَعَلَيْك إثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ ﴾ ﴿ وَكَتَبَ إلَى كَسْرَى : فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ فَعَلَيْك إثْمُ الْأَكَّارِينَ ﴾.
قَوْله تَعَالَى :﴿ مِنْ الْقُرُونِ ﴾ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى : أَنَّ الْقَرْنَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْمَازِنِيُّ : مِائَةُ سَنَةٍ.
وَقِيلَ : الْقَرْنُ أَرْبَعُونَ سَنَةً.