بِهِ عَنْ ضَرْبِهَا بِالضِّغْثِ وَغَيْرِهِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ﴾، وَلَوْ جَازَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَرَاخِيًا عَنْ الْيَمِينِ لَأَمَرَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْكَفَّارَةِ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي ﴾، وَلَمْ يَقُلْ إلَّا قُلْتُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
فَإِنْ قِيلَ : رَوَى قَيْسٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً فَقَالَ : إنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ فَقَدْ اسْتَثْنَى بَعْدَ السُّكُوتِ.
قِيلَ لَهُ رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِنَّ : إنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ اسْتَثْنَى فِي آخِرِهِنَّ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي اتِّصَالَهُ بِالْيَمِينِ، وَهُوَ أَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا.
وَفِي هَذَا الْخَبَرِ دَلَالَةٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِأَيْمَانٍ كَثِيرَةٍ ثُمَّ اسْتَثْنَى فِي آخِرِهِنَّ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا إلَى الْجَمِيعِ.
وَاحْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فِي إجَازَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مُتَرَاخِيًا عَنْ الْيَمِينِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إذَا نَسِيتَ ﴾ فَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ :﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إذَا نَسِيتَ ﴾ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ، وَهَذَا غَيْرُ وَاجِبٍ ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إذَا نَسِيتَ ﴾ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا مُبْتَدَأً مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَضْمِينٍ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ، وَغَيْرُ جَائِزٍ فِيمَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ تَضْمِينُهُ بِغَيْرِهِ.
وَقَدْ رَوَى ثَابِتٌ عَنْ