قَوْله تَعَالَى :﴿ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ﴾ قَالَ قَائِلُونَ : إنَّمَا تَمَنَّتْ الْمَوْتَ لِلْحَالِ الَّتِي دُفِعَتْ إلَيْهَا مِنْ الْوِلَادَةِ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ.
وَهَذَا خَطَأٌ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ حَالٌ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ ابْتَلَاهَا بِهَا وَصَيَّرَهَا إلَيْهَا وَقَدْ كَانَتْ هِيَ رَاضِيَةٌ بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا بِذَلِكَ مُطِيعَةً لِلَّهِ، وَتَسَخُّطُ فِعْلِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ مَعْصِيَةٌ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَفْعَلُ إلَّا مَا هُوَ صَوَابٌ وَحِكْمَةٌ، فَعَلِمْنَا أَنَّهَا لَمْ تَتَمَنَّ الْمَوْتَ لِهَذَا الْمَعْنَى وَإِنَّمَا تَمَنَّتْهُ لِعِلْمِهَا بِأَنَّ النَّاسَ سَيَرْمُونَهَا بِالْفَاحِشَةِ فَيَأْثَمُونَ بِسَبَبِهَا، فَتَمَنَّتْ أَنْ تَكُونَ قَدْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْصِيَ النَّاسُ اللَّهَ بِسَبَبِهَا.


الصفحة التالية
Icon