وقَوْله تَعَالَى :﴿ إذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾ فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ سَامِعَ السَّجْدَةِ وَتَالِيهَا سَوَاءٌ فِي حُكْمِهَا وَأَنَّهُمْ جَمِيعًا يَسْجُدُونَ ؛ لِأَنَّهُ مَدَحَ السَّامِعِينَ لَهَا إذَا سَجَدُوا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَنَّهُ تَلَا سَجْدَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَر فَنَزَلَ وَسَجَدَهَا وَسَجَدَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ ﴾.
وَرَوَى عَطِيَّةُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالُوا :" السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا ".
وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنَ حَنْظَلَةَ الشَّيْبَانِيِّ قَالَ : قَرَأْتُ عِنْدَ ابْنَ مَسْعُودٍ سَجْدَةً فَقَالَ :" إنَّمَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ جَلَسَ لَهَا "، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُثْمَانَ مِثْلَهُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ أَوْجَبَا السَّجْدَةَ عَلَى مَنْ جَلَسَ لَهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ لِلسَّجْدَةِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَهَا ؛ إذْ كَانَ السَّبَبُ الْمُوجِبُ لَهَا هُوَ السَّمَاعُ، ثُمَّ لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُهَا فِي الْوُجُوبِ بِالنِّيَّةِ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْبُكَاءَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ لَا يُفْسِدُهَا.


الصفحة التالية
Icon