وَأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي بِهِ ؛ إذْ لَيْسَ هُوَ بِوَلَدٍ، كَمَا أَنَّ الْعَلَقَةَ وَالنُّطْفَةَ لَمَّا لَمْ تَكُونَا وَلَدًا لَمْ تَنْقَضِ بِهِمَا الْعِدَّةُ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ : حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ :﴿ إنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُبْعَثُ إلَيْهِ مَلَكٌ فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيُكْتَبُ رِزْقُهُ وَأَجَلُهُ وَعَمَلُهُ ثُمَّ يُكْتَبُ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ ﴾.
فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَكُونُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَقَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا مُضْغَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَوْ أَلْقَتْهُ عَلَقَةً لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ وَلَمْ تَنْقَضِ بِهِ الْعِدَّةُ وَإِنْ كَانَتْ الْعَلَقَةُ مُسْتَحِيلَةً مِنْ النُّطْفَةِ ؛ إذْ لَمْ تَكُنْ لَهُ صُورَةُ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَكَذَلِكَ الْمُضْغَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهَا صُورَةُ الْإِنْسَانِيَّةِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهَا وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَلَقَةِ وَالنُّطْفَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي بِهِ يَتَبَيَّنُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْحِمَارِ وَسَائِرِ الْحَيَوَانِ وُجُودُهُ عَلَى هَذَا الضَّرْبِ مِنْ الْبِنْيَةِ وَالشَّكْلِ وَالتَّصْوِيرِ، فَمَتَى لَمْ يَكُنْ لِلسِّقْطِ شَيْءٌ مِنْ صُورَةِ الْإِنْسَانِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَلَدٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَلَقَةِ وَالنُّطْفَةِ سَوَاءٌ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ لِعَدَمِ كَوْنِهِ وَلَدًا.
وَأَيْضًا فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَا أَسْقَطَتْهُ مِمَّا لَا تَتَبَيَّنُ لَهُ صُورَةُ الْإِنْسَانِ دَمًا مُجْتَمِعًا أَوْ دَاءً أَوْ مُدَّةً.
فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ نَجْعَلَهُ وَلَدًا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، وَأَكْثَرُ أَحْوَالِهِ