الْعِدَّةِ وَكَوْنِ الْأُمِّ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْمَيِّتَ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَلَا يَرِثُ، وَقَدْ يَرِثُ الْوَلَدُ وَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ : إذَا كَانَ فِي بَطْنِهَا وَلَدَانِ فَوَضَعَتْ أَحَدَهُمَا وَرِثَ هَذَا الْوَلَدُ مِنْ أَبِيهِ وَلَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ حَتَّى تَضَعَ الْوَلَدَ الْآخَرَ.
فَإِنْ وَضَعَتْهُ مَيِّتًا لَمْ يَرِثْهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْمِيرَاثُ قَدْ يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ وَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِهِ وَقَدْ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَلَا يَرِثُ عَلِمْنَا أَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِأَصْلٍ لِلْآخَرِ وَلَا يَصِحُّ اعْتِبَارُهُ بِهِ.
ثُمَّ قَالَ إسْمَاعِيلُ : فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ حَمْلٌ وَلَكِنَّا لَا نَعْلَمُ ذَلِكَ، قِيلَ لَهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَعَبَّدَ اللَّهُ بِحُكْمٍ لَا سَبِيلَ إلَى عِلْمِهِ، وَالنِّسَاءُ يَعْرِفْنَ ذَلِكَ وَيُفَرِّقْنَ بَيْنَ لَحْمٍ أَوْ دَمٍ سَقَطَ مِنْ بَدَنِهَا أَوْ رَحِمِهَا وَبَيْنَ الْعَلَقَةِ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا الْوَلَدُ، وَلَا يَلْتَبِسُ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ لَحْمُ الْمَرْأَةِ وَدَمُهَا مِنْ الْعَلَقَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ مَنْ يَعْرِفُ، فَإِذَا شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ أَنَّهَا عَلَقَةٌ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا إنَّهَا إذَا أَسْقَطَتْ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فَإِنَّهُ يُرَى النِّسَاءَ، فَإِنْ قُلْنَ كَانَ يَجِيءُ مِنْهَا الْوَلَدُ لَوْ بَقِيَتْ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ وَيَثْبُتُ بِهَا الِاسْتِيلَادُ، وَإِنْ قُلْنَ لَا يَجِيءُ مِنْ مِثْلِهَا وَلَدٌ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ الْعِدَّةُ وَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ الِاسْتِيلَادُ.
وَعَسَى أَنْ يَكُونَ إسْمَاعِيلُ إنَّمَا أَخَذَ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ مِنْ أَظْهَرِ الْكَلَامِ اسْتِحَالَةً وَفَسَادًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعَلَقَةِ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا الْوَلَدُ وَبَيْنَ مَا لَا يَكُونُ مِنْهَا الْوَلَدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ شَاهَدَ عَلَقًا كَانَ مِنْهُ الْوَلَدُ