جَاءَ الْإِسْلَامُ جَاءَ النَّاسُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا : شَيْئًا كُنَّا نَصْنَعُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَلَا نَصْنَعُهُ الْآنَ فَإِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا ﴾ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلَّهِ }.
وَقَالَ الْحَسَنُ : فَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ الْأَكْلَ فَإِنْ شِئْتَ فَكُلْ وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ أَنَّهُ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ.
﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ الَّتِي أُمِرْنَا بِالتَّسْمِيَةِ عَلَيْهَا هِيَ دَمُ الْقِرَانِ وَالْمُتْعَةِ، وَأَقَلُّ أَحْوَالِهَا أَنْ تَكُونَ شَامِلَةً لِدَمِ الْقِرَانِ وَالْمُتْعَةِ وَسَائِرِ الدِّمَاءِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ دَمَ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فِي نَسَقِ التِّلَاوَةِ :﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ وَلَا دَمَ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ هَذِهِ الْأَفْعَالُ إلَّا دَمَ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ ؛ إذْ كَانَ سَائِرُ الدِّمَاءِ جَائِزًا لَهُ فِعْلُهَا قَبْلَ هَذِهِ الْأَفْعَالِ وَبَعْدَهَا، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا دَمُ الْقِرَانِ وَالْمُتْعَةِ.
وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ دَمَ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُمَا، وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَقْتَضِي بُطْلَانَ قَوْلِهِ.